ما الحكمة من موت الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وليس

ما سأذكره الآن قد يجعلك تؤمن بأن الله الحكيم يجعل كل مايحدث لسبب على المدى القريب والبعيد..

ألم تتساءل مرة: لماذا فضّل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم العودة للمدينة بعد فتح مكة؟ بل وكان موته ودفنه في المدينة المنورة أيضاً ولم يُنقل جثمانه إلى مكة عليه الصلاة والسلام؟

كنت قد سمعت من قبل في إحدى حلقات عمرو خالد لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تعليلاً منطقياً وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد وأكمل عيشه في المدينة رداً لجميل الأنصار الذين وقفوا إلى جانبه وساندوه بتكريمهم بالعيش والموت بينهم..

لكن هذا سبب على المدى القريب فقط.

في كتاب (الإسلام في الأدب الإنجليزي) للكاتب بايرون بورتر سميث، يذكر أنه خلال العصور المظلمة وعصر التنوير في أوروبا وبريطانيا (أي خلال السنوات 1500 -1600 تقريباً) كان المؤلفون يروجون لأكاذيب عن الرسول عليه الصلاة والسلام والدين الإسلامي، وإحدى هذه الأكاذيب هي أن قبر الرسول عليه الصلاة والسلام كان في مكة وأنه كان معلقاً في الهواء وأن المسلمين يحجون إليه كل سنة!! يقول الكاتب أن هؤلاء الكتّاب المسيحيين لم يقولوا هذا إلا أنه يصعب على المسيحي أن يفهم أن يكون الحج لغير قبر! فالحج عند المسيحيين يكون لأضرحة القديسين. وهذا بالطبع يفضحهم لأنه يدل على أن السير التي كتبوها عن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام هي محض افتراء وخيالات..

بهذا تتجلى حكمة الله عز وجل ليس في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة فحسب، بل في إكماله للعيش فيها حتى بعد فتح مكة وبقاء جثمانه فيها: تخيل كيف ستؤيد شائعة الحج لقبر الرسول لو أنه دّفن في مكة..
فسبحان الله الحكيم..

هناك مقاطع أخرى في الكتاب لكذب بعض الكتاب الإنجليز في العصور القديمة وتبين حكمة الله عز وجل في كثير من الأمور، مثل الفكرة المغلوطة القائلة بأن المسلمين يعبدون محمد عليه الصلاة والسلام .. حيث أنهم يقيسون موقف المسلمين تجاه الرسول على موقفهم تجاه عيسى عليه السلام، والدفاع الأوضح الذي يستطيع أي مسلم أن يرد به يكمن في الشهادة (أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله) والتي تضع الرسول صلى الله عليه وسلم في موقعه فهو عبد له.. ورسوله..